خمس صفات للعبادة الحقيقية

Scripture Reference: Deuteronomy 12; 13; 14; 15; 16:1–17

 

في رحلةِ الحكمةِ اليوم، سنتكلَّمُ عن موضوعِ العبادة وسأذكُرُ خمسَ صِفاتٍ مهمَّة للعبادةِ الحقيقيَّة.

أولاً، في الأصحاح 12 من سِفرِ التثنية، علَّمَ موسى بني إسرائيل أنَّ العبادةَ الحقيقيَّةَ تتركِّزُ فقط على إلهِ إسرائيل. بينما كان الشعبُ يتطلَّعُ إلى الاستيلاءِ على أرضِ الموعِد، ذكّرَ موسى الشعبَ هنا في الآية 2: “تُخْرِبُونَ جَمِيعَ ٱلْأَمَاكِنِ حَيْثُ عَبَدَتِ ٱلْأُمَمُ ٱلَّتِي تَرِثُونَهَا آلِهَتَهَا”. ثمَّ أضافَ في الآية 5: ‘‘ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ’’. نلاحظُ في هذا الأصحاح تَكرارًا لاسمِ الله. في العُلَّيْقَةِ المشتعلة قبلَ أكثرَ من أربَعينَ عامًا، عرَّفَ اللهُ عن نفسِهِ لموسى قائلاً: “أنا هو الذي هو” في سفرِ الخروج 3: 14. الاسمُ يهوه مُشتَقٌّ من ‘‘أنا هو’’، وهو يُشيرُ إلى أنَّ اللهَ حاضِرٌ دائمًا. هنا في الأصحاح 12، استخدَمَ موسى الاسمَ يهوه 22 مرَّة، كما وطَلَبَ من الشعب 17 مرَّة أن يعبُدوا اللهَ فقط في “المكان” الذي يضَعُ فيه الربُّ مذبَحَه.

نقرأُ مثلًا في الآية 14: ‘‘بَلْ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ فِي أَحَدِ أَسْبَاطِكَ، هُنَاكَ تُصْعِدُ مُحْرَقَاتِكَ، وَهُنَاكَ تَعْمَلُ كُلَّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ’’. أشارَ موسى إلى الشعب أكثرَ من خمسينَ مرة وقالَ لهم “أنت”. فهو كان يتحدَّثُ هنا إلى كلِّ شخصٍ في أمَّةِ إسرائيل. لماذا كلُّ هذه التفاصيل؟ لأنَّ موسى أراد أن يفهَمَ بَنو إسرائيل والعالم أنَّ العبادةَ الحقيقيَّةَ تتطلَّبُ أشخاصًا مناسبين في المكانِ المناسب يعبُدونَ الإلهَ الحقيقيَّ الحيَّ.

ألتقي دومًا أشخاصًا يريدون إخباري عن اختباراتِهم في مجالِ العبادة وكم أنَّهم روحيُّون. المشكلة هي أنَّه ليس لاختباراتِهم أيَّ علاقةٍ بإلهِ الكتابِ المقدَّس. يا صديقي، أيُّ عبادةٍ لأيِّ إلهٍ غيرَ إلهِ الكتابِ المقدَّس هي عبادةٌ عقيمة وليست عبادةً حقيقيَّة.

نصلُ هنا إلى الميزةِ الثانية للعبادةِ الحقيقيَّة. ثانيًا، العبادةُ الحقيقيَّةُ لا تتساهلُ مع المُضِلِّين. أعطى الربُّ تحذيرًا ابتداءً من الأصحاح 12، والآية 29، واستمرَّ بوضوحٍ عبرَ الأصحاح 13. ذَكَرَ موسى ثلاثَةَ مخاطِرَ مختلفة متعلِّقة بالمُضِلِّين.

في الآيتين 1 و2 من الأصحاحِ 13 من سفرِ التثنية، حذَّر من النبيِّ أو الحالِم، وقال: ‘‘إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلْمًا، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً’’. الهدفُ من هذا هو محاولةُ إقناعِ بَني إسرائيل بالعبادةِ لآلهةٍ أخرى. قد يكونُ لدى هؤلاءِ الأشخاص حضورٌ مميَّز وقد يكونونَ فصيحينَ في الكلام، ولكنْ لا ينبغي أن ينخدعَ بَنو إسرائيل بآياتِهم وعجائبِهم وأحلامِهم.

ثمَّ في الآيتَين 6 و7، حذَّرَ موسى من أفرادِ العائلة والأصدقاءِ المقرَّبين، قائلًا: ‘‘وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرًّا أَخُوكَ… أَوْ صَاحِبُكَ ٱلَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ… نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى’’. يجبُ على بَني إسرائيل أن يكونوا حذِرينَ جدًّا. ويجبُ علينا نحن أيضًا أن نكونَ حذرين، فحتى الأصدقاء وأفرادُ عائلتِنا قد يُبعِدونَنا عن الرب.

ثمَّ في الآيتين 12 و13، حذَّرَ موسى من “بَني لَئِيمٍ” قائلًا: ‘‘قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لَئِيمٍ… نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا’’. هل هذه مخاطرُ جِديَّة؟ بالتأكيد. في هذا الأصحاح، يَفرِضُ موسى عقوبةَ الإعدام على أيِّ شخصٍ يحاولُ إبعادَ شخصٍ آخرَ عن الله. وأقولُ لك إنَّ قساوةَ حُكمِ اللهِ هنا تُظهِرُ لنا مدى أهميَّةِ عبادةِ اللهِ وحدَه. وحتَّى يومِنا هذا، لا تزالُ هذه مسألةَ حياةٍ أو موت.

الميزةُ الثالثةُ للعبادةِ الحقيقيَّة هي هذه: العبادةُ الحقيقيَّةُ تبدأُ بالقداسة. في بدايةِ الأصحاح 14، قالَ موسى لِبَني إسرائيل: ‘‘أَنْتُمْ أَوْلَادٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكُمْ… لِأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ، وَقَدِ ٱخْتَارَكَ ٱلرَّبُّ لِكَيْ تَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا’’. يُنظَرُ إلى بَني إسرائيلَ هنا على أنَّهم أبناءُ الله. ومِثْلَ الأمَّهاتِ والآباءِ اليوم، يُريدُ اللهُ من أولادِهِ أن يُحسِنوا التصرُّف لا ليُصبحوا أولادَه، وإنَّما لأنَّهم أولادُه.

القداسةُ تعني ببساطة أن تُشبِهوا أباكم السماويّ، وأن تُظهِروا أنَّكم مختلفون عن العالم، وأنَّكم مكرَّسون لله. وموسى ذَكَرَ هنا الابتعادَ عن جَرْحِ أجسامِهم وعن حَلْقِ رؤوسِهِم حُزنًا على ميْت، فهذه الممارساتُ مرتبطة بآلهةِ الكَنعانيِّين المزيَّفة. ثمَّ ذكَّرَ موسى بَني إسرائيل بأنواعِ الطعامِ التي تجعلُهم نَجِسين من ناحيةِ الطُّقوس، وقالَ في الآية 3: ‘‘لَا تَأْكُلْ رِجْسًا مَّا’’، ثمَّ في الآية 21: ‘‘لَا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَّا’’.

الفرْقُ بين الطعامِ الطاهِرِ والنَّجس يُعيدُ صياغةَ الكثيرِ ممَّا تعلَّمناه في سِفرِ اللاويين الأصحاح 11. قوانينُ الطعامِ لدى بَني إسرائيل كانت تَحميهِم جسديًّا، لكنَّ الأهمَّ من ذلك أنَّها ذكّرَتْهم بعَلاقَتِهِم بالرب.

الميزةُ الرابعةُ للعبادةِ الحقيقيَّة تظهَرُ هنا عندما علَّمَ موسى الشعب أنَّ العبادةَ الحقيقيَّةَ تتضمَّنُ محبَّةَ الآخَرين. في الآيات 22 إلى 29، أعطى موسى بعضَ التعليماتِ حولَ العشور. العُشورُ هي نِسبَةٌ من دَخْلِ الشخص تشمَلُ الحُبوبَ والخَمر والزيت وأبكارَ الحيوانات، والتي يجبُ تقديمُها للربِّ في العبادة.

ونقرأُ في الآية 28: ‘‘فِي آخِرِ ثَلَاثِ سِنِينَ تُخْرِجُ كُلَّ عُشْرِ مَحْصُولِكَ… وَتَضَعُهُ فِي أَبْوَابِكَ’’. وكانَ على اللاويِّين، والغرباءِ، واليتامى، والأرامل أن يأكلوا ويشبعوا، معتمدين على سخاءِ ورحمة مَن يعبدون الله من خلالِ محبَّةِ الآخَرين.

في الأصحاح 15، يتكلّمُ موسى عن السَّنَةِ السبتيَّة. في السنة السابعة، كلُّ الديونِ كانت تُشطَب، وكلُّ القروض يُعفَى عنها، وكان الهدفُ هو تجنُّبُ إبقاءِ بَني إسرائيل مَدينينَ لبعضِهِم البعض، والدعوةُ إلى السخاء.

ماذا لو اقترضَ منك جارُكَ في السنة السادسة؟ هل تُقرِضُهُ وأنتَ تعلمُ أنَّك قد تُعفى من الدين؟ المبدأ يذكِّرنا بأنَّ اللهَ هو مالِكُ كلِّ شيء، ويقول: استخدِمْ ما أعطيتُكَ لتبارِكَ الآخرين، ولا تتأخَّرْ في العطاء.

قالَ الربُّ في الآية 4: ‘‘وَلَكِنْ لَنْ يَكُونَ فَقِيرٌ بَيْنَكُمْ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ سَيُبَارِكُ ٱلْأَرْضَ’’.

في الأصحاح 16، علَّمَ موسى بَني إسرائيل الميزةَ الخامسةَ للعبادةِ الحقيقيَّة: العبادةُ الحقيقيَّة تتضمَّنُ الاحتفالَ كجماعة. ذكَّرَهم بالأعيادِ السنويَّةِ الثلاثَة: الفِصْح، وعيدِ الأسابيع، وعيدِ المَظالّ، كما جاء في الآية 16: ‘‘ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلسَّنَةِ يَحْضُرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ… أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلَهِكَ’’.

في هذا الوقتِ العظيم، يرنِّمُ الشعب ويعبُدُون الله بينما يحتفلُون بنعمتِه وأمانتِهِ معه كأمَّة. هذه العبادةُ الجماعيَّة شجَّعَتْ كلَّ واحدٍ منهم.

سأقولُ لكَ أمرًا. صِفاتُ العبادةِ هذه تنطبقُ بالتأكيدِ على الكنيسة. وإذا كانت صِفاتُ العبادةِ الحقيقيَّةِ هذه لا تَصِفُ كنيستَك، فلا تشتكِ ولا تتذمَّر، بلِ ابدأ بالصلاة، وابدأْ بجَلْبِ هذه الصفات، مِثلَ السخاءِ والمحبَّةِ والرأفة إلى قلبِك، بينما تعبُدُ اللهَ مع الآخَرين.

وسيستخدمُكَ اللهُ أنتَ العابِدَ الحقيقي، ليس فقط لتغييرِ قلبِك، بل أيضًا لتغييرِ قلبِ عائلتِك وكنيستِك، وربَّما أيضًا العالمِ من حولِك.

نصلُ بهذا إلى ختامِ حَلْقةِ اليوم. إلى أن نلتقي في الحلقةِ المقبلة، نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

Add a Comment

Our financial partners make it possible for us to produce these lessons. Your support makes a difference. CLICK HERE to give today.