الشهادة للجيل القادم

Scripture Reference: Deuteronomy 5–8

 

في العام 2009، انتهَتِ الرحلة 3407 التابعة لشركة كونتننتال والرحلة 447 التابعة لشَرِكَةِ الخطوطِ الجويَّةِ الفَرَنسيَّة بحادِثَين مروِّعَين، وقعَ أحَدُهما بالقُربِ من بوفالِو، نيويورك، والآخَرُ في مكانٍ ما فوق المحيطِ الأطلسي. وقد زَعَمَ البعضُ أنَّ سببَ هاتَين الكارثتَين هو ما يُعرَفُ بـ”تلاشي المهارة”. فمَعَ مرورِ الوقت، بدأ الطَيَّارون يعتمدونَ بشكلٍ كبير على الطَيَرانِ بالطيَّارِ الآليّ.

في هذا السِّفْر أصرَّ موسى على عَدَمِ السماح لشعبِ إسرائيل بالطَيرانِ بالطيَّارِ الآلي عندَ دخولِهِم أرضَ الموعِد. فهو أرادَ أن يكونوا متيقِّظين، أن يركّزوا على الرب ويعتمدوا عليه.

في بدايةِ الأصحاحِ الخامس، قالَ موسى للشعب في الآيات 1 إلى 3: ‘‘اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ ٱلْفَرَائِضَ وَٱلْأَحْكَامَ ٱلَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مَسَامِعِكُمُ ٱلْيَوْمَ، وَتَعَلَّمُوهَا وَٱحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوهَا. اَلرَّبُّ إِلَهُنَا قَطَعَ مَعَنَا عَهْدًا … لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا قَطَعَ ٱلرَّبُّ هَذَا ٱلْعَهْدَ، بَلْ مَعَنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ هُنَا ٱلْيَوْمَ جَمِيعُنَا أَحْيَاءٌ’’. إذًا، يحتاجُ هذا الجيلُ الجديدُ أن يفهم أنَّ العهدَ هو عهدُه، وعليه أن يحفظَه ويصونَه.

وابتداءً من الآية 6، أكَّدَ موسى من جديد على جوهرِ هذا العهد، وهي الوصايا العشر. سبقَ أن دَرَسْنا الوصايا العشر في سفرِ الخروج، لكنَّ موسى يُذَكّرُ الأمَّةَ بهذه الوصايا لأنَّها جوهَرُ عَلاقةِ الناسِ بالله وببعضِهِم البعض. هم على وشكِ دخولِ أرضِ الموعد، وعليهم أن يتذكَّروا أنَّ الرب الذي أخرَجَهم من أرضِ مصر هو الإلهُ الحقيقيُّ الوحيد. وعليهِم أن يتذكَّروا ما يطلُبُهُ اللهُ منهم في علاقَتِهِم ببعضِهم البعض. أكرِم أباكَ وأمَّك، لا تقتُل، لا تزنِ، لا تسرُق، لا تشهَدْ بالزور، ولا تشتهِ مقتنى غيرِك.

أيضًا، ذَكَّرَ موسى شعبَه بأنَّه عندما سَمِعَ آباؤهم الله يتكلَّمُ بهذا الكلامِ للمرَّةِ الأولى على جبلِ سيناء، غَلَبَ عليهِم الخوف وأدركوا كم أنَّ اللهَ قدُّوس وكم أنَّهم خطاة. في الآية 25، ذكَّرَهم موسى بكلامِهم: ‘‘إِنْ عُدْنَا نَسْمَعُ صَوْتَ ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا أَيْضًا نَمُوتُ’’. هنا، طَلَبوا من موسى أن يكونَ وسيطًا بينهم وبينَ الله، وأن ينقُلَ إليهم كلامَ الله. وطَلَبُ وسيطٍ بين اللهِ والخطاة يمهِّدُ الطريقَ لمجيءِ الوسيطِ الكامل، وهو يسوعُ نفسُه.

إسمَعْ ما قالَه الرب عندما وَعَدَ بَنو إسرائيل بطاعتِه. تقولُ الآية 29: ‘‘يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هَكَذَا فِيهِمْ حَتَّى يَتَّقُونِي وَيَحْفَظُوا جَمِيعَ وَصَايَايَ كُلَّ ٱلْأَيَّامِ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ وَلِأَوْلَادِهِمْ خَيْرٌ إِلَى ٱلْأَبَدِ’’. يُمكنُكَ أن تسمعَ نوعًا من الحزن في صوتِ الرب، لأنَّه كان يعلَمُ أنَّهم سيفشلونَ في طاعتِه في نهايةِ المطاف.

العهدُ مع موسى، الذي أُقيمَ على جبلِ سيناء، أوضَحَ أنَّ بَرَكَةَ إسرائيل في أرضِ الموعِد كانت مشروطةً بطاعَتِهم للشريعة. وقال موسى في الآية 32: ‘‘فَٱحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوا كَمَا أَمَرَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ’’. ثمَّ أوضحَ السببَ في الآية 33: ‘‘لِكَيْ تَحْيَوْا وَيَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ وَتُطِيلُوا ٱلْأَيَّامَ فِي ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي تَمْتَلِكُونَهَا’’.

ابتداءً من الآية 4 من الأصحاح 6، نَجِدُ أحدَ أهمِّ المقاطعِ للشعبِ اليهوديّ: ‘‘اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: ٱلرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. فَتُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ’’. ‘‘ربٌّ واحدٌ’’ تعني أنَّ الربَّ وحدَه هو الإلهُ الحقيقيُّ والحيّ. قالَ موسى لبَني إسرائيل أن ينقُلوا حقيقةَ هذا الإله إلى كلِّ جيلٍ جديد. قالَ في سفرِ التثنية 6: 7: ‘‘وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلَادِكَ’’.

إذًا، رَفاهُ بَني إسرائيل ومستقبلُهم يعتمدان على تعليمِ كلِّ جيل أن يعيشَ وَفقَ حقائقِ هذا العهد. في بقيَّةِ الأصحاح 6 وفي الأصحاحين 7 و8، وضَعَ موسى لإسرائيل قائمةً بالأحكامِ والفرائضِ الأساسيَّة التي يجبُ على كلِّ جيلٍ من بَني إسرائيل أن يحفظَها. وتُقسَمُ هذه الأحكامُ والفرائض إلى أربَعَةِ مجموعات.

المجموعةُ الأولى وارِدةٌ في الآيات 10 إلى 19 من الأصحاح 6. تقولُ الآية 10: ‘‘وَمَتَى أَتَى بِكَ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ إِلَى ٱلْأَرْضِ…’’، ثمَّ تقولُ الآية 12: ‘‘ٱحْتَرِزْ لِئَلَّا تَنْسَى ٱلرَّبَّ’’، ثمَّ تقولُ الآية 14: ‘‘لَا تَسِيرُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى’’. يعني هذا، بتعبيرٍ آخر، عندما تدخُلونَ أرضَ الموعد، ستُحاطونَ بثقافاتِ وثنيَّة. لا تتبَعوا هذه الثقافات أبدًا، بل اعبُدوا فقط الإلهَ الذي أدخلَكم إلى الأرض.

أمَّا القِسمُ الثاني، في الآيات 20 إلى 25، فيتعلَّقُ بكيفيَّةِ الردِّ على الجيلِ الأصغر سنًا عندما يسأل في الآية 20: ‘‘مَا هِيَ ٱلشَّهَادَاتُ وَٱلْفَرَائِضُ وَٱلْأَحْكَامُ ٱلَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ إِلَهُنَا؟’’ الجواب في الآيتين 24 و25: ‘‘أَمَرَنَا ٱلرَّبُّ أَنْ نَعْمَلَ جَمِيعَ هَذِهِ ٱلْفَرَائِضَ… وَإِنَّهُ يَكُونُ لَنَا بِرٌّ إِذَا حَفِظْنَا جَمِيعَ هَذِهِ ٱلْوَصَايَا’’.

المجموعةُ الثالثة من الأحكامِ والفرائض وارِدةٌ في الأصحاحِ السابع. تقولُ الآيتان 1 و2: ‘‘مَتَى أَتَى بِكَ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ إِلَى ٱلْأَرْضِ … فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ’’. لماذا؟ تقولُ الآية 6: ‘‘لِأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ’’.

أمَّا القِسْم الرابع، فهو واردٌ في الأصحاحِ الثامن. يقولُ في الآية 11: ‘‘اِحْتَرِزْ … لِئَلَّا يَرْتَفِعَ قَلْبُكَ وَتَنْسَى ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ’’، ويقولُ في الآية 17: ‘‘وَلِئَلَّا تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ ٱصْطَنَعَتْ لِي هَذِهِ ٱلثَّرْوَةَ’’. هذا تحذيرٌ من إعطاءِ المجدِ لأنفسِهم على البركاتِ التي تأتي من الربِّ وحدَه.

هذا ما يجبُ عليكَ فعلُه لتجنُّبِ وَضْعِ حياتِكَ على وضعِ التشغيلِ الآليّ المؤدِّي إلى الانهيار: أوَّلاً، عندما يأمُرُكَ الربُّ بطاعَتِه، لا تتباطأ في فعلِ ذلك. ثانيًا، عندما تُسأَلُ ما إذا كانت خدمةُ الرب تستحقُّ العناء، أخبِرْ عن عملِ اللهِ الرحوم في حياتِك. ختامًا، عندما تختبرُ بركاتِ الرب، إحفَظْ قلبَك ولا تأخُذِ الفَضْلَ لنفسِك.

إذًا، فلنَكُنْ متيقِّظين ومُطيعين، ولْنُخبِرْ بحقِّه بدونِ أن ننسُبَ الفضلَ لأنفسِنا على ما يصنعُهُ اللهُ. وهكذا، سيفهمُ الجيلُ الأصغر هنا وجيلُنا نحن أيضًا. سيسمعُ منَّا وسينضمُّ إلينا في إعطاءِ المجدِ لله.

نصلُ بهذا إلى ختامِ حَلْقةِ اليوم. إلى أن نلتقي في الحلقةِ المقبلة، نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

Add a Comment

Our financial partners make it possible for us to produce these lessons. Your support makes a difference. CLICK HERE to give today.